أخبار ليبيا
القضاءُ على البطالةِ وتمكينُ الشبابِ
على الرغمِ منَ امتلاكِها ثَرَواتٍ طبيعيةً هائلةً، تواجهُ ليبيا تفشيَ ظاهرةِ البطالةِ بمعدلاتٍ مقلقةٍ. بحسبِ تقريرِ البنكِ الدوليِّ، ارتفعَ معدلُ البطالةِ في ليبيا عامَ 2023 إلى 19.6%، وأشارَ إلى أنَّ أكثرَ من 85% منَ السكانِ النشطينَ اقتصادياً يعملونَ في القطاعِ العامِّ والاقتصادِ غيرِ الرسميِّ. ولا توجدُ إحصاءاتٌ رسميّةٌ موحَّدةٌ عن نسبةِ البطالةِ في ليبيا، فيما يرى أهلُ الاختصاصِ أنّها ترتفعُ عاماً بعد عامٍ، في ظلِّ الركودِ الاقتصاديِّ وتوقّفِ مشاريعِ البناءِ وغيابِ المُستثمِرِ الأجنبيِّ.
تتعدّدُ أسبابُ انتشارِ ظاهرةِ البطالةِ في البلادِ، ولعلَّ عدمَ وجودِ رؤيةٍ استراتيجيةٍ لتطويرِ سوقِ العملِ وغيابَ التأهيلِ والتدريبِ، هما السببُ الأبرزُ، فضلاً عن تولي أشخاصٍ يفتقدونَ الكفاءةَ المهنيةَ اللازمةَ وظائفَ في المؤسَّساتِ والقطاعاتِ الخدماتيّةِ والاستثماريةِ. كذلك تُعتَبَرُ العمالةُ الأجنبيّةُ التي تنافسُ أبناءَ ليبيا معضلةً يجبُ إيجادُ حلٍّ سريعٍ لها.
يعاني القطاعُ العامُّ منَ التكدُّسِ الوظيفيِّ، إذ يبلغُ عددُ العاملينَ في الدولةِ أكثرَ من مليونَي موظَّفٍ حكوميٍّ، فيما عددُ السكانِ في ليبيا 7.4 ملايينِ نسمةٍ، وهناك 100 ألفِ خريجٍ سنوياً، ويُقَدَّرُ مُعَدَّلُ الفَقرِ حسبَ بياناتِ وزارةِ الشؤونِ الاجتماعيةِ ب42%.
تعودُ أسبابُ ارتفاعِ مُعدَّلاتِ البطالةِ خلالَ السنواتِ الأخيرةِ، إلى أنّ مهاراتِ سوقِ العملِ لا تتناسبُ معَ المعروضِ من وظائفَ، وانخفاضِ جَودةِ المدخلاتِ والمخرجاتِ التعليميةِ والتدريبيةِ، والعزوفِ عنِ الوظائفِ اليدويةِ والمهنيةِ، وزيادةِ نسبةِ الالتحاقِ بالتعليمِ الجامعيِّ، والاعتمادِ على القطاعِ العامِّ في استيعابِ الخرّيجين، رغم قُدرتِهِ المحدودةِ على توفيرِ فُرَصِ عملٍ للأعدادِ الكبيرةِ منهم، فضلاً عنِ اعتمادِ الاقتصادِ الليبيِّ على قطاعِ النِّفطِ الذي لا يُمكنُهُ أن يستوعبَ إلا عدداً محدّداً منَ العُمّالِ.
بعدَ معرفةِ أسبابِ البطالةِ، لا بدَّ منَ السَّعيِ لمعالجتِها معالجةً جذريّةً، وبذلكَ يُمكِنُ خَلقُ فُرَصِ عملٍ جديدةٍ، وتمكينُ الشبابِ، وخصوصاً معَ انخفاضِ دخلِ الفردِ والأسرةِ وعدمِ توافُرِ السكنِ اللائقِ، وفي ظلِّ عدمِ قدرةِ الموظَّفِ على الزواجِ في الأوضاعِ الراهنةِ. وانطلاقاً من هذه المعطياتِ غيرِ المطمئنةِ، يضعُ الدكتور الصدّيق حفتر استراتيجيةً علميةً للقضاءِ على “تفشي ظاهرةِ الوساطةِ والمحسوبيةِ، مع ضرورةِ تعيينِ الشخصِ المناسبِ في المكانِ المناسبِ وفقاً لقدراتِهِ وكفاءتِهِ، ووضعِ دراساتٍ وهيئاتٍ خاصةٍ تُسهِّلُ للشبابِ عمليّةَ الحصولِ على العملِ المناسبِ، وإرشادِهِم إلى السُّبُلِ التي تُتيحُ لهُم فُرَصَ الحصولِ على وظائفَ لائقةٍ وإعدادِ برامجَ لتدريبِ الشبابِ بالتعاونِ مع شركاتٍ أجنبيةٍ، والعملِ على إدماجِهم في القطاعِ الخاصِّ في جميعِ المناطقِ، ومنعِ استفحالِ هذه الظاهرةِ من جديد”.
مسألةُ القضاءِ على البطالةِ، يجبُ ألّا تكونَ مؤقتةً، فلا بدَّ من تطويرِ قانونِ العملِ وابتكارِ معاييرَ جديدةٍ في طُرُقِ التعليمِ وتوجيهِ خرّيجي الجامعاتِ بشكلٍ يخدمُ الاقتصادَ وسوقَ العملِ الليبيَّ.