Connect with us

أخبار ليبيا

يد تنبت عليها أوراق الشجر

بقلم د. الصدّيق خليفة حفتر

نلاحظ يوميًّا تعاظُمَ دورِ الذّكاء الاصطناعي في حياتنا، ونَشهدُ حضورَه في الطبِّ والهندسةِ والاتصالاتِ بشكلٍ مكثّفٍ، ولكنَّ ما استرْعى انتباهي اقتحامُ هذا الذّكاءِ مجالَ الإبداع، فقد قرأتُ عن رواياتٍ كُتِبتْ بالاستعانةِ به، بل كان دورُ التدخُّلِ البشريِّ فيها معدومًا، ومرّت بي قصائدُ كتبَها الشّاعر «شات جي بي تي» أو منافسُه الأديبُ «جيميناي».
ورُغمَ تشجيعي لشبابِنا على التمكُّنِ من التّكنولوجيا وإتقانِ التّعاملِ معها، إلّا أنّني لا زلتُ مقتنعًا أنَّ الشِّعرَ لغةُ الرّوحِ، ولا يمكنُ لذكاءٍ اصطناعيٍّ لا يملِكُ قلبًا يخفُقُ أن يتفوّقَ على شاعرٍ أوجعَه الهجرُ أو أسعدّه الوصلُ. فخطَر لي أن أجري تجربةً بسيطةً تُصدِّقُ دعوايَ أو تُكذِّبُها فاخترتُ موضوعًا غزليًّا لأنَّ الغزَلَ ألصقُ المواضيعِ بالنّفسِ البشريّةِ، وطلبتُ من «شات جي بي تي» أن ينظِمَ لي بيتَ شِعرٍ يصفُ فيه ملمسَ جِلدِ المرأةِ النّاعمِ، وبعدَ أخذٍ وردٍّ وتحسيناتٍ وصلْنا إلى هذا البيتِ:
كأنّ بَشرَتَها في اللّمسِ لؤلؤةٌ … مِن النّدى، أو حريرٌ شقَّهُ الغَزِلُ
وقارنتُه ببيتٍ كتبَه قبلَ ثلاثةَ عشرَ قرنًا شاعرٌ أُمويٌّ يُدعى أبا صخرٍ الهُذَلي لطالما كنتُ معجبًا بصورتِه الغريبةِ:
تكادُ يَدي تَنْدَى إذا ما لَمَسْتُها … ويُنبُتُ في أطرافِها الوَرَقُ الخُضْرُ
فبينَ برنامجٍ يقولُ إنَّ ملمسَها مثلُ لؤلؤةٍ منَ النّدى أو حريرٍ، وبينَ شاعرٍ قديمٍ يَرسُمُ لوحةً نتخيَّلُها لعاشقٍ يَلمسُ بَشْرَةَ مَن يُحِبُّ فتَبْتَلُّ أصابعُه مِن النَّدى حتى تكادَ أوراقُ الأشجارِ تنبتُ فيها، أتركُ للقارئِ الحُكْمَ بينَهما!.