الدكتور الصديق حفتر | تغطية شاملة وتحليلات
لتحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي في ظل تغير المناخ

تمتلك ليبيا إمكانات كبيرة يمكن أن تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي، وتعتبر إدارة الموارد المائية من الخطوات الأساسية التي تُحقّق الاكتفاء الذاتي في هذا القطاع. ومع مواجهة العالم لتحديات غذائية في ظلّ التغيّر المناخي وزيادة الضغوطات الاقتصادية، فإنّ تحقيق الاكتفاء الذاتي في القطاع الزراعي في ليبيا يتطلب استراتيجية متكاملة تأخذ في عين الاعتبار تغيّر المناخ وندرة الأمطار وتدهور الأراضي الصالحة للزراعة.
تعتمد الاستراتيجية على ضرورة التوسّع في استخدام تقنيات الري الحديثة مثل الري بالتنقيط والمحوري، التي تساهم في تقليل هدر المياه وزيادة كفاءتها في الزراعة وتوسيع مشاريع تحلية المياه وإعادة تدويرها واستغلال مياه الصرف المعالجة في الري وحماية المياه الجوفية والحدّ من استنزافها، كما تلحظ تشجيع زراعة المحاصيل التي تستهلك كميات أقل من المياه مثل الحبوب والخضروات المقاومة للجفاف. وتأتي أهمية استخدام التكنولوجيا الحديثة في تعزيز الإنتاجية الزراعية، مثل الزراعة الذكية التي تعتمد على الاستشعار وتحليل البيانات، وتسهم في تحسين كفاءة الري وتقليل التكاليف.، وتعتبر الزراعة العمودية في المدن حلاً مبتكراً لزيادة الإنتاج باستخدام مساحات صغيرة.
وإدراكاً منه لأهمية الوصول الى استراتيجية الاكتفاء الذاتي الزراعي في ليبيا، يشدّد الدكتور الصديق حفتر على” ضرورة دعم وتمكين المزارعين عبر تدريبهم وتأهيلهم بأحدث تقنيات الزراعة المستدامة وتقديم حوافز لهم عبر إمدادهم بالقروض الميسّرة والبذور المحسّنة وإنشاء تعاونيات زراعية لتعزيز التكامل بين المزارعين وتسويق منتجاتهم”. ويضيف: “يجب تعزيز البحث العلمي في القطاع الزراعي وإنشاء مراكز بحثية لدراسة تقنيات جديدة لزيادة الإنتاج خاصة في مجال استصلاح الأراضي وتحسين أساليب الري”، مشيرا “إلى أهمية التعاون مع الجامعات والمؤسسات الدولية لتقديم الدعم الفني والتكنولوجي”.
ورغم التقدم المحقق في بعض المجالات، لا تزال ليبيا تواجه تحديات كبيرة في تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي، وأبرز هذه التحديات هو ندرة المياه، حيث يعتمد القطاع الزراعي بشكل كبير على المياه الجوفية، التي تتعرض للاستنزاف ويعاني القطاع من ضعف البنية التحتية، من شبكات الري إلى الطرق والموانئ ما يعوق الوصول إلى الأسواق، كما يواجه القطاع الزراعي نقصاً في الدعم المالي والفني، الأمر الذي يزيد من صعوبة تنفيذ المشاريع الزراعية المستدامة. ولمكافحة التصحّر والتكيّف مع تغيّر المناخ، يجب زيادة الغطاء النباتي وزراعة الأشجار المقاومة للجفاف مثل النخيل والسنط وإقامة مصدّات رياح طبيعية وصناعية واستخدام الطاقة المتجددة عبر تشغيل محطات الري وتحلية المياه بالطاقة الشمسيّة.
الاكتفاء الذاتي الزراعي في ليبيا ممكناً مع تطبيق رؤية واضحة طويلة الأمد تعزّز الأمن الغذائي وتواجه تحديات المناخ بفعالية وذكاء.
