Connect with us

الدكتور الصديق حفتر | تغطية شاملة وتحليلات

المستقبل يصنع الآن!

بقلم: الدكتور الصديق خليفة حفتر

تسبّبتْ فتاوَى تحريمِ الطّباعةِ في عهدِ السّلطانِ العثماني «بايزيد الثاني» في تأخُّرَ دخولِ المطبعةِ إلى العالَم الإسلامي قرابةَ قَرنينِ من الزّمانِ، فسبقَنا الغربُ في سباقِ نشرِ المعرفةِ، وكان لفتوى مُختلَفٍ فيها أنْ تُأخِّرَ أمّةً كاملةً عن ركبِ الحضارةِ. تذكّرتُ قصّةَ تَعطيلِ الطّباعةِ وأثرَها على تقدُّمِنا، وأنا أُتابعُ باهتمامٍ ثورةَ الذّكاءِ الاصطناعيِّ التي ستُغيِّرُ وجهَ عالَمِنا – لا في قرونٍ طويلةٍ ككلِّ مُنعطَفٍ كبيرٍ في تاريخِ البشريّةِ – بل في سنواتٍ قليلةٍ قادمةٍ. لذلك أَحثُّ الشَّبابَ اللّيبيَّ في كلِّ مناسبةٍ تُتاح لي، أنْ يُولوا الذّكاءَ الاصطناعيَّ أولويّةً ويعطوه أهميّةً، فهو ليس مجرّدَ تِقنيةٍ حديثةٍ، بل ثورةٌ ستُغيِّرُ حياتَنا إلى وجهٍ لمْ نَعرِفْه فيه فوائدُ كثيرةٌ بلا ريبٍ، ولكنْ فيه مضارُّ إنِ استغَلَّتْه عقولٌ بلا ضميرٍ.
وكما يقالُ «مَن تعلَّمَ لغةَ قومٍ أمِنَ شرَّهُم» يَصلحُ الآنَ أكثرَ في عصرِنا أنْ نقولَ «من أتقنَ التّعاملَ مع الذّكاءِ الاصطناعيِّ أمِنَ شرّهُم وشارَكَهُم في خيرِهم». فآثارُه في الطّبِّ والدّفاعِ والتّعليمِ والهندسةِ مُذهلةٌ، وقد أصبحْنا نشهدُ عمليّاتٍ جراحيّةً دقيقةً بدونِ تَدخُّلٍ إنسانيٍّ، وسياراتٍ تَذرَعُ الشَّوارعَ ذاتيّةَ القيادةِ، قبلَ سنواتٍ كانت ضربًا مِن الخيالِ العِلميِّ. وكلُّ تخطيطٍ تربويٍّ لا يَجعلُ تعلُّمَ هذه التّكنولوجيا أساسيًّا -ومِن مراحلِ التّعليمِ الأولى- هو تخطيطٌ يمشي على قدميهِ وطموحُه أنْ يَسبِقَ مَن يتحرّكُ في طائرةٍ نفّاثةٍ. فلنجعلْ مِنَ الذّكاءِ الاصطناعي أَولويّةً ولنُسخِّرُ له الإمكانياتِ، فهو المستقبلُ القادمُ، فيا ليتَ قومي يتحرّكونَ قبلَ فواتِ الأوانِ!.