Connect with us

أخبار ليبيا

تحصينُ القضاءِ والعدل.. ركيزةُ الاستقرارِ في ليبيا

تحدياتٌ سياسية واجتماعية تواجه العالم، يبقى القضاء أساس الملك، وحجر الزاوية في منظومة العدالة العالمية، وصمّام الأمان الذي يحتكم إليه الجميع حين تُسلب الحقوق. فالقضاء العادل ليس ترفاً مؤسساتياً، بل ضرورة وجودية لضمان الاستقرار، وترسيخ الثقة بين المواطن والدولة.

واستقلال القضاء هو تاج العدل وأول ما يحتاجه القضاء ليكون فاعلاً . فقاضٍ لا يملك قراره، لن يملك عدله. ولذا، فإن تحصين السلطة القضائية من أي تدخل سياسي أو نفوذ اقتصادي أو تأثير اجتماعي، هو الشرط الأول لإرساء العدالة.

فالاستقلال لا يعني العزلة، بل الحياد. حين يكون القاضي محكوماً بالضمير والقانون فقط، تصبح قراراته أكثر عدلاً، ويحسّ المواطن بأن القانون يحميه، لا يُستعمل ضده. أما حين تختل هذه المعادلة، يترسخ الشعور بالظلم وتتآكل هيبة العدالة.

بالإضافة إلى ذلك لا يكتمل وجه العدالة إن لم تتوفّر للمتهمين حقوق الدفاع الكاملة، وأهمها الحق في محامٍ يرافقهم منذ لحظة الاتهام. فالدفاع ليس ترفاً قانونياً، بل صمّام حماية للعدالة ذاتها.

كما أن العدالة لا تكون منصفة إذا تميّز فيها الغني عن الفقير. ولهذا، كما يجب توفير مراكز قانونية للدفاع المجاني هو واجب أخلاقي، لا خيار مؤجل. العدالة التي لا تُتاح للجميع، هي ظلم مؤسّس وإن كان مغطى بالقانون. ومن بين الركائز التي تقوّي مؤسسة القضاء وتُعزز مصداقيتها، يأتي مبدأ الشفافية.

الزمن لا ينتظر أحداً.. وما كان مناسباً قبل عقود قد لا يصلح اليوم. فالقانون، كي يؤدي وظيفته في حفظ التوازن، لا بد أن يتطوّر مع تطور المجتمع.

ون هنا، فإن فتح قنوات دائمة لمراجعة القوانين، وتحديثها وتطويرها، وسد الثغرات التشريعية، يُعدّ من صميم المسؤولية التشريعية للدولة. كما أن دمج التكنولوجيا في المحاكم – بدءاً من الأرشفة الرقمية إلى الجلسات الإلكترونية – لم يعد ترفاً إدارياً، بل مطلباً لتقليل البطء وضمان الشفافية.

ختاماً، القضاء ليس مجرد أداة للفصل بين المتخاصمين، بل هو ميزان المجتمع الذي يحفظ توازنه. وحين يتوافر له الاستقلال، وتُحدث قوانينه، وتُكفل فيه حقوق الدفاع، ويُدار بشفافية، يصبح فعلاً قادراً على تحقيق “العدل المنشود”.