Connect with us

الدكتور الصديق حفتر | تغطية شاملة وتحليلات

لنقرأْ تاريخَنا.. بقلم الدكتور الصدّيق حفتر

بقلم الدكتور الصدّيق خليفة حفتر

من لا يفهمُ ماضيه جيّدًا منَ الصّعبِ أن يتحكّمَ في مستقبلِه، ولِفهمِ الماضي الذي لم نعايشْه، ليس لنا سوى الكتبِ تَأخذُ بيدِنا وتحكي لنا تاريخَنا، وبحمدِ الله تولَّى كثيرٌ من مُؤرّخي ليبيا وعلمائِها هذه المهمَّةَ، فحفظوا لنا تاريخَنا بَعيدًا عن روايةِ المستعمرِ أو الكُتاّبِ المُغرِضِينَ.

 ولكنْ مِنَ الحَسَنِ أيضًا الاطّلاعُ على ما كتَبهَ بعضُ المستشرقينَ عن تاريخِنا وخاصّةً الذينَ اعتمَدوا الحِيادَ وتَحَلَّوا بالموضوعيّةِ، ومِن ذلكَ كتابٌ مِن جُزأينِ للمؤرّخِ الرّوسي “نيكولاي بروشين” بعنوان “تاريخ ليبيا” أرّخَ فيه لبلادِنا من مُنتصفِ القرنِ السّادسِ عشرَ حتّى ما بعدَ منتصفِ القرنِ العشرينَ، وقد قضى هذا الباحثُ عشْرَ سنواتٍ كاملةً يجمعُ مادّةَ كتابِه، مستعينًا بكلِّ ما كُتِبَ عن تاريخِ ليبيا مِن اللّيبيّينَ أنفُسِهمْ، ومُعتمِدًا على وثائقَ بلغاتٍ متعدِّدةٍ، ليقدِّمَ لنا وصفًا دقيقًا إلى حدٍّ كبيرٍ لكلِّ التّحوُّلاتِ التي مرّتْ بها ليبيا في ثلاثةِ قرونٍ كاملةٍ، ومُركِّزًا على نقاطٍ مضيئةٍ في تاريخِنا، لطالما حاول المؤرّخون الآخرونَ إغفالَها، ومُصحِّحًا لكثيرٍ منَ المفاهيمِ.

 فما عُرِفَ بحروبِ القَرصنةِ سمّاها الكاتبُ “الحروبُ البحريّة” مُوضِّحًا ظروفَها وملابساتِها، كما وضعَ الأمورَ في نصابِها حين صحّحَ فكرةَ الاسترقاقِ التي اتُّهِمَتْ بها شعوبُنا ظُلمًا، وأثبتَ أنَّ تجارةَ الرّقيقِ كانت نشاطًا غَربيًّا في حقيقتِه. وفي الكتابِ صفحاتٌ مُشرِّفةٌ عن نضالِ شعبِنا في سبيلِ حريّتِه ضدَّ كلِّ أشكالِ الاستعمارِ تدفعُ شبابَنا إلى الاعتزازِ بتضحياتِ آبائِهِم.

كتابُ “تاريخ ليبيا” شهادةٌ مِن باحثٍ مُنصفٍ في شعبٍ تعرّضَ للظّلمِ وللاستعمارِ، لكنّه خرجَ بإرادةِ أبنائِه مُنتصرًا.