أخبار ليبيا
مع بلدانِ ليبيا.. بقلم الدكتور الصدّيق خليفة حفتر

أعتقدُ أنَّ هذا المعجمَ يُصوّرُ ليبيا تصويرًا يُسهِّلُ على من لمْ يعرفْها أن يتصوّرَها كما لو كان فيها” هكذا كتب الشّيخ الطاهر الزاوي في مقدمة كتابِه المتفرِّدِ “معجمُ البلدان الليبية” الذي يُعدُّ توأمًا لكتابِه السّابقِ “أعلامُ ليبيا” فإذا كان الأعلامُ مُعجمًا للإنسانِ، فهذا مُعجمٌ للمكانِ، وبِهما معًا تكتملُ مَعرفتُنا ببلدِنا الحبيبِ.
وسببُ تأليفِ الشّيخِ الزّاوي لهذا الكتابِ أنّه شعرَ أنَّ ذِكرَ البلدانِ والمدنِ والقرى الليبيةِ مُفرّقٌ بين الكتبِ القديمةِ، ولا يوجدُ مُؤَلَّفٌ يجمعُ شملَها ويضمُّها في صورةٍ واحدة، فقرَّرَ أن يفعلَ ذلكَ وهو الرّجلُ الذي طاف بلادَنا من شرقِها إلى غربِها ومن شمالِها إلى جنوبِها، فأضاف إلى معلوماتِه من خلالِ الكتبِ ملاحظاتٍ مِن تجربتِه الخاصّةِ. فكان هذا العملُ الموسوعيُّ الجغرافيُّ والتاريخيُّ أيضًا، الذي رتّبَه على حروفِ المعجمِ وأثبتَ فيه “الوديانَ والجبالَ والزّوايا والمساجدَ والمدارسَ والأبراجَ والعيونَ الجاريةِ ذاتِ الشّهرةِ، مع التماسِ الأصلِ اللُّغَوي لبعضِ الألفاظ الواردة”. فسهَّلَ على الباحثينَ عملَهم وقدّمَ للقارئ العادي ثروةً معرفيّةً عن بلادِه ومعالمِها، بل وعن شخصيّاتِها وقبائلِها التي استوطنت تلكَ الأماكن.
ولقد كان الشّيخ الطّاهر الزّاوي مُعتزًّا بكتابِه راغبًا في الإضافةِ إليه ولو كلّفَه ذلك جهدًا ووقتًا ومالًا فقال: “ولئن طالتْ بي الحياةُ لأُعطينّهُ من جُهدي وعَرقي أكثرَ وأكثرَ، ولأستسهِلَنَّ الصّعبَ في إعلاءِ شأنِه وإبرازِ محاسنِه”. فهل نرى بين جُغرافِيِّينا وباحثينا من ينهضُ لهذه المهمّةِ الجليلةِ لوطنِنا كما فعل الزّاوي مِن قَبلُ رُغم شُحِّ المعلوماتِ وقِلّةِ الإمكانياتِ؟ أتمنى ذلك!
