أخبار ليبيا
الذكاءُ الإصطناعيّ.. من خيالٍ علميّ إلى واقعٍ يهدّد مفاهيمَ الصدق والعدالة والمساءلة

في زمنٍ تتسارعُ فيه التطورات التقنية، بات يوفّر الذكاء الاصطناعي باباً أمام فبركة واقع غير موجود، بإستستهال تناول حياة الناس، فيتحوّلُ الذكاء من وسيلة للمساعدة والتطور والتقدم إلى أداة للتضليل والإساءة.
إنّ أخطر ما في الذكاء الاصطناعي ليس قدرته التقنية، بل إدارة الإنسان له بطريقة متهورة. فالتطور مطلوب، ومهم لبناء المجتمعات والإنسان، لكن من يختار استخدام الذكاء الإصطناعي لتشويه الحقيقة هو الإنسان نفسه، متنازلًا عن ضميره، وعن المصداقية.
في عالم تسوده الشاشات الصغيرة بين الأيادي، ويُستعمل فيه التضليل من خلال الذكاء الإصطناعي، عبر منصات التواصل، لا نكون أمام تطور تقني، بل أمام تهديد، فلا أحد ضدّ التطور، ولا أحد يعترض على استخدام الذكاء الاصطناعي في تسهيل حياة البشر وتحسين أداء المؤسسات، لكن ما يحدث اليوم ليس تطورًا تقنيًا طبيعيًا، بل انزلاق خطير نحو فوضى إعلامية وإلكترونية، حيث يمكن لأي شخص، من خلف شاشة، أن يستخدم الذكاء الإصطناعي لصنع محتويات دون أن يتحمل أدنى مسؤولية قانونية أو أخلاقية.
الذكاء الاصطناعي أداة لسنا ضدها، بل معها في مجالات التعليم والطب والهندسة وكل المهن، لكن الخطير أن يُترك دون رقابة، وأن يُستخدم دون ضوابط، وأن يُسلَّمَ لأشخاص لا يدركون تبعاته. فالذكاء بلا ضمير، يتحوّل إلى وسيلة لتشويه كل شيء.
نحن لسنا أمام خيال علمي، بل واقع يومي بدأ يتشكل، ويهدد كل مفاهيم الصدق والعدالة والمساءلة.
إذا لم نقف الآن لنضبط هذه الفوضى، فسنستيقظ يومًا في عالم يصعب فيه التمييز بين الحقيقة والكذب.
الذكاء الاصطناعي أداة عظيمة، لكن عندما يُستخدم لتزوير الواقع، فإنه يصبح تهديدًا أخلاقيًا لا يمكن تجاهله.
