أخبار ليبيا
ثورة الكرامة.. معركة ضد الإرهاب ومسيرة نحو دولة المؤسسات والمصالحة الوطنية

شهدت ليبيا في السنوات الماضية تحولات جوهرية رسمت ملامح مرحلة جديدة من تاريخها السياسي والاجتماعي، وكان لثورة الكرامة دور محوري في هذا المشهد المتغير. انطلقت هذه الثورة بقرار حاسم لمواجهة الإرهاب والجماعات المتطرفة التي كانت تهدد أمن البلاد واستقرارها، واضعة نصب أعينها هدفاً واضحاً يتمثل في استعادة السيادة الوطنية، وإعادة بناء دولة المؤسسات وفق أسس العدالة والمواطنة.
ومنذ انطلاق ثورة الكرامة، كان الهدف الأساسي هو القضاء على الإرهاب الذي استشرى في العديد من المدن الليبية، وأضحى يشكل خطراً على حياة المواطنين ومقدرات الدولة. وقد خاضت القوات المسلحة الليبية معارك شرسة ضد التنظيمات الإرهابية، متمكنة من تحرير مناطق استراتيجية، واستعادة الأمن في العديد من المدن التي عانت من الانفلات الأمني والفوضى. إن هذه المعركة لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت أيضاً صراعاً من أجل حماية الهوية الوطنية وإرساء بيئة آمنة تُمكّن الليبيين من العمل والتعايش بعيداً عن الخوف والعنف.
وقد حملت ثورة الكرامة رسالة واضحة بضرورة إعادة بناء الدولة على أسس سليمة، عبر تعزيز دور المؤسسات الوطنية وترسيخ مبدأ سيادة القانون. فالدولة الحديثة لا تقوم إلا على دعائم قوية تتمثل في المؤسسات الفاعلة والقادرة على إدارة شؤون البلاد بكفاءة ونزاهة، وهو ما تطلعت إليه الثورة من خلال دعم الجيش الوطني، وإعادة تفعيل أجهزة الدولة المختلفة، لضمان استمرارية العمل الحكومي وتأمين الخدمات الأساسية للمواطنين.
وجاءت المصالحة الوطنية كمبدأ أساسي في مسيرة ثورة الكرامة، إدراكاً لحاجة البلاد إلى تجاوز آثار الانقسامات والصراعات، والعمل على بناء مستقبل يقوم على التكاتف بين أبناء الوطن. المصالحة ليست مجرد شعار، بل هي مشروع متكامل يهدف إلى ترميم النسيج الاجتماعي، وإعادة الثقة بين مختلف الأطياف السياسية والمجتمعية، بما يحقق الاستقرار ويُعيد ليبيا إلى موقعها الطبيعي كدولة موحدة تسعى إلى التقدم والازدهار. نحو مستقبل أكثر إشراقاً لا تزال ليبيا تواجه تحديات كبيرة في مسارها نحو الاستقرار الكامل، لكن ثورة الكرامة وضعت الأسس التي يمكن البناء عليها لتحقيق رؤية وطنية تستند إلى محاربة الإرهاب، وترسيخ دولة المؤسسات، وتعزيز المصالحة الوطنية. وبينما تتواصل الجهود نحو تعزيز هذه الركائز، يظل الأمل قائماً في أن تتجاوز ليبيا محطاتها الصعبة، وتمضي بثبات نحو مستقبل يعكس طموحات أبنائها في السلام والتنمية.
