الدكتور الصديق حفتر | تغطية شاملة وتحليلات
أهمية الإنتخابات المحلية في ليييا

بينت نتائج المرحلة الأولى للإنتخابات المحلية التي جرت في 58 بلدية في أنحاء ليبيا أهمية ودورالبلديات كأداة حيوية أسهمت في التخفيف من تأثيرالانقسام السياسي، ما يُعطي أهمية للمرحلة الثانية من الاستحقاق المحلي في 59 بلدية خلال المرحلة المقبلة
وفي حين بينت بعض الدراسات أهمية هذه الانتخابات كمُقدمة لحلحلة الصراع السياسي، ينظر البعض إلى جعل إجراء هذه الانتخابات حدثاً يحمل في طياته العديد من الدلالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وخلصت بعض الدراسات لمراكز أبحاث متخصصة إلى أن إجراء الانتخابات المحلية في ليبيا يحمل دلالات وتداعيات عميقة على المشهد السياسي الوطني. ورغم أنها لا تقدم حلاً نهائياً للأزمة السياسية، فإنها تسلط الضوء على أهمية التركيز على المستوى المحلي كمدخل لإعادة بناء الدولة، وذلك من منظور أن ما ستؤول إليه هذه الانتخابات يعتمد بشكل كبيرعلى إرادة الأطراف السياسية، وقدرتها على تجاوز الخلافات، والاستفادة من هذه المحطة لبناء مستقبل أكثر استقراراً ووحدة.ورغم أن الانتخابات المحلية ليست حلاً مباشراً للأزمة السياسية الكبرى في ليبيا، لكنها يمكن أن تسهم في بناء جسور الثقة بين الأطراف المختلفة، كما أنها قد تكون خطوة نحو تعزيز الاستقرار على المستوى المحلي،ما يمكن أن يُمهّد لإجراء انتخابات وطنية في المستقبل.ويمثل نجاح الانتخابات المحلية مؤشراً نسبياً على إمكانية استعادة مسارالانتخابات الوطنية،لكنه لا يُخفي حجم التحديات التي تواجه هذا المسار، فلا تزال قضايا مثل:توحيد المؤسسات،وضمان نزاهة الانتخابات، والاتفاق على قاعدة دستورية موحدة، تقف حجرعثرة أمام تحقيق تقدم حقيقي في العملية الانتخابية الوطنية،أي عملية الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
ورغم المحاولات السابقة لتصميم نظام محلي لامركزي فعّال ومستقر، لا يزال الإفراط في المركزية وقلّة جودة تقديم الخدمات قضيةً جوهريةً ومحوراً أساسياً في النقاشات الحالية حول مستقبل الإدارة المحلية في البلاد، كما إن الأوضاع الحالية تُظهٍراختلافاً واضحاً بين صانعي القرار بشأن النموذج المثالي للحكم المحلي الذي يتلاءم مع تحدّيات البلاد واحتياجاتها، ولا يقتصرهذا الاختلاف على الرؤى والتطلّعات المستقبلية فحسب، بل يشمل أيضاً المصطلحات والمفاهيم المتعلّقة بالنماذج المحتملة.
كذلك فإن الإنتخابات المحلية تطرح ضرورة النقاش حول النظام او القانون الأمثل الذي يجب إعتماده، فهناك من يرى أن الحفاظ على وحدة الدولة الليبية في ظل نظام لامركزي، يتطلب وضع إصلاحات للحكم المحلي ضمن إطارأوسع يركزعلى بناء الدولة، وإعادة الإعمار، والمصالحة الوطنية، وينبغي أن تتضمن هذه الإصلاحات آليات تكامل قوية تقلل من مخاطر الانقسام، ويمكن ربط فكرة تعزيزالحكم المحلي بالمصالحة الوطنية عبر إشراك المجالس المحلية في مساعي تحقيق المصالحة، كما يمكن أن تشارك السلطات المحلية في معالجة القضايا الرئيسية ما بعد النزاع. لا شك أن اللامركزية تحمل مجموعة من المخاطر والتحديات في ظل حالة الانقسام والتفكك الموجودة في ليبيا اجتماعيًا وسياسيًا ومؤسسيًا، ومع ذلك، فإن تعزيز الحكم المحلي من خلال نقل بعض السلطات والموارد من المركز إلى المستوى المحلي سيكون أمرًا ضروريًا في أي نظام مستقبلي يسعى إلى إعادة بناء شرعية الدولة والاستجابة للمظالم المرتبطة بالفوارق بين المناطق في الوصول إلى الخدمات والبنية التحتية، ويتطلب تحديد شكل هذا النظام عملية حوار شامل تجمع بين صناع القرار والأطراف المؤثرة على المستوىين الوطني والمحلي من أجل إيجاد نظام سياسي وإداري يتماشى مع تطلعات الشعب الليبي نحو الحرية والكرامة والرفاهية، ويستثمر الإمكانات والفرص والثروات والتنوع الكبير في البلاد
