Connect with us

أخبار ليبيا

الخطابُ الدينيّ الوسطيّ والمعتدل.. ركيزةٌ للاستقرارِ والتعايش

تحولاتٌ عميقة شهدتها دولة ليبيا خلال العقد الأخير، برزت فيها الحاجة المُلّحة إلى خطاب ديني يتسمُ بالتوازن، يعيدُ للمجتمع بوصلته الروحية، ويحصنهُ من موجات الغلو والتطرف. فبين أروقة الجوامع، ومنابر الخطابة، وفضاءات الإعلام والتعليم، يتبلور ما يمكن تسميته بـ”الخطاب الديني الوسطي” كرافعة للسلام الأهلي وأداة للمصالحة الوطنية.

لم تكن الوسطية في ليبيا وافدة من الخارج، بل هي ضاربة الجذور في التاريخ الفقهي والديني الليبي.

أمام الفوضى وصعود التيارات المتشددة بعد ثورة 2011، وجد الخطاب الوسطي نفسه أمام تحدٍ وجودي. غير أن رموزه سرعان ما انخرطوا في معركة الكلمة والفكر، فكانت خطب الجمعة، وحلقات الدروس، والمبادرات الشبابية، أدوات فعالة في إعادة الاعتبار للمنهج المعتدل. وقد سجلت بعض الحملات، خصوصًا على وسائل التواصل، نجاحًا ملموسًا في كشف تناقضات الفكر المتطرف وفضح خطورته.

لا يمكن للخطاب الديني أن ينجح بمعزل عن دعم مؤسسي في قطاعات التعليم والإعلام والوعظ. فدمج مفاهيم التسامح وقبول الآخر ضمن المناهج الدراسية، يعزز مناعة الأجيال ضد الفكر المتطرف. وفي المقابل، يظل المنبر أداة يومية لتوجيه المجتمع، والإعلام ساحة لا بد أن تُستعاد لنشر المفاهيم المعتدلة بلغة معاصرة وجاذبة.

في بلد يسعى جاهدًا لتضميد جراحه وبناء دولته، يمثل الخطاب الديني الوسطي طوق نجاة ثقافي وروحي. فبقدرته على تهدئة النفوس، وتعزيز قيم العيش المشترك، يمكن أن يكون مدماكًا لمشروع وحدة وطنية شاملة، تُبنى على أساس القيم الجامعة.